موقع فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان » الأخبار » أبحاث ودراسات


أحكام طهارة صاحب القسطرة والشرج الصناعي


 

القسطرة. أن يوضع للمريض في مجرى البول قسطار، ومعنى القسطار ماسور بلاستيكي حتى يخرج البول عن طريقه، وذلك لأسباب منها احتباس البول وعدم خروجه، خاصة ممن يعاني من مرض البروستات ونحو ذلك، أو بسبب خروج البول دون إرادة المريض، فلا يتحكم بخروج البول منه أو لغير ذلك من الأسباب..


معنى القسطرة. أن يوضع للمريض في مجرى البول قسطار، ومعنى القسطار ماسور بلاستيكي حتى يخرج البول عن طريقه، وذلك لأسباب منها احتباس البول وعدم خروجه، خاصة ممن يعاني من مرض البروستات ونحو ذلك، أو بسبب خروج البول دون إرادة المريض، فلا يتحكم بخروج البول منه أو لغير ذلك من الأسباب.

فهذه القسطرة توضع للذي لا يتبول تبولا طبيعيا إما لأجل انحباس البول أو لأجل عدم التحكم فيه، فيوضع هذا القسطار في ذكره ويكون متصلا بكيس يتجمع فيه هذا البول ويكون هذا الكيس معلقا بسرير المريض أو حوله بصفة دائمة.

وأما ما يسمى بالشرج الصناعي ذلك يكون حينما يصاب الإنسان بمرض في الأمعاء حينما يصاب الإنسان بمرض في أمعائه، ومن أشهر الأمراض التي يستخدم معها الشرج الصناعي سرطان القولون، فيستأصل معه القولون وما حوله، ويفتح في جدار البطن فتحة كي يخرج البراز عن طريقه ويكون هناك علبة يجتمع فيها هذا الغائط ويزال ما بين فترة وأخرى، ويزال من حين لآخر، هذا هو المقصود بالقسطرة والشرج الصناعي.

وبعد أن تصورنا المسألة ، نأتي للحكم الفقهي فيهما من جهة الطهارة، أولا: نقول إن هذه المسألة هي تعتبر في حقيقة الأمر نازلة، وإن كان بعض فقهاء الحنفية قد ذكروها، قد ذكرها بعض فقهاء الحنفية المتقدمون أشاروا إلى هذه المسألة على سبيل الافتراض، فافترضوا هذه المسألة . قالوا: لو أن رجلا لم يستطع أن يتبول عن طريق فتحة البول أو الغائط ففتحت له فتحة في بطنه فكيف يكون الحكم؟

والفقهاء رحمهم الله يفترضون أحيانا مسائل لم تكن واقعة في زمنهم، وربما يستبعد الإنسان في زمنهم أن تقع، ولكنها تقع في المستقبل، يفترضون ذلك حتى يكون طالب العلم على تصور لهذه المسائل لو وقعت كما في هذا المثال، وأيضا من باب تمرين الأذهان على فهم تلك المسائل.

وهذا يدل على علو كعب الفقه الإسلامي وعلى عظمته، ويدل على أن بعض المسائل التي يفترضها الفقهاء أنها قد تقع في المستقبل، ولهذا استفدنا من افتراضات الفقهاء، رحمهم الله، السابقين لبعض المسائل لكونها قد وقعت وتحققت في زمننا هذا.

هذه المسألة أو هذه النازلة يمكن أن تبنى على مسألة أخرى تكلم عنها العلماء وهي مسألة صاحب الحدث الدائم، السلس، سلس البول، وكالمرأة المستحاضة ونحو ذلك فهل يجب عليهما الوضوء لكل صلاة.

هذه المسألة أعني مسألة صاحب الحدث الدائم، اختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال، القول الأول: وهو أشد المذاهب الأربعة - هو مذهب الشافعية - أن صاحب الحدث الدائم يجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة، يجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة.

القول الثاني: - وهو مذهب المالكية - وهو أن صاحب الحدث الدائم، لا يجب عليه الوضوء لكل صلاة، ولا ينتقض وضوؤه،  إلا إذا خرج منه حدث آخر، فمثلا المستحاضة لا ينتقض وضوءها إلا إذا خرج منها ريح ونحوه.

القول الثالث وهو وسط بين القولين وهو مذهب الحنفية والحنابلة وهو أن صاحب الحدث الدائم يجب عليه الوضوء لوقت كل صلاة.

ما الفرق بين القول الأول والثالث؟ الفرق أن القول الأول أنه يجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة، والثالث لوقت كل صلاة، فالقول الأول أنه متعلق بالصلاة، فلا يصلي بذلك الوضوء إلا فريضة واحدة، لا يصلي به أكثر من فريضة، سواء كانت مؤداة أو مقضية، بينما القول الثالث متعلق ليس بالصلاة، وإنما بوقت الصلاة، فله أن يصلي في هذا الوقت الفريضة المؤداة وله أن يصلي في هذا الوقت ما شاء من الفوائت.

وأما النوافل فعلى كلا القولين يصلي ما شاء، لكن الفرق هو لو كان وجد صلوات فوائت، وأراد أن يقضيها، فعلى القول الأول ليس له ذلك، إنما يصلي فريضة واحدة فقط، والقول الثالث له أن يصلي ما شاء، ما دام في الوقت، فالقول الأول متعلق بالصلاة والقول الثالث متعلق بالوقت.

والأقرب من هذه الأقوال، والله أعلم، هو القول الثالث وهو أن صاحب الحدث الدائم يجب عليه أن يتوضأ لوقت كل صلاة، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بأن تتوضأ لوقت كل صلاة كما جاء عند أبي داود حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وأصله عند البخاري، فقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة -رضي الله عنها قالت :جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت"- إني امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ -

فقال عليه الصلاة والسلام :-لا إنما ذلك دم عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصل

قال هشام بن عروة بن الزبير، قال أبي :-(ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيئ ذلك الوقت)  وهذا هو موضع الشاهد، (ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت

وبين الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح صحة إسناد هذه الرواية موصولة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه ليست موقوفة على عروة بن الزبير، كما قال بعض أهل العلم، صوب الحافظ ابن حجر صحة هذه الرواية موصولة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وليست معلقة كما قال بعضهم، وليست موقوفة على عروة كما قال آخرون.

ومحل الشاهد قوله: ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت، وحملها ذلك الحنفية والحنابلة على المقصود: ثم توضئي لوقت كل صلاة. كما جاء ذلك في سنن أبي داود.

فهذا هو القول الأظهر في هذه المسألة، هو أن صاحب الحدث الدائم أنه يتوضأ لوقت كل صلاة، وأخذنا هذا الحكم من هذا الحديث، فصاحب الحدث الدائم يقاس على الاستحاضة، فإن المستحاضة تعتبر صاحبة حدث دائم فيقاس عليها صاحب السلس ونحوه.

فإذا توضأ مثلا لصلاة الظهر فإنه يستمر على طهارته، إلا إذا خرج منه حدث آخر غير هذا الحدث الدائم، لو كان مثلا عنده سلس بول نقول: توضأ بعد دخول الوقت، فلما إذا توضأ بعد دخول الوقت يستمر على طهارته ولو خرج منه البول، إلا إذا خرج منه ناقض آخر من نواقض الوضوء كالريح مثلا.

وعلى ذلك تخرج هذه النازلة، فنقول: إن صاحب القسطرة وكذلك صاحب الشرج الصناعي أو الفتحة التي تكون في جدار البطن، يجب عليه أن يتوضأ لوقت كل صلاة يجب عليه أن يتوضأ لوقت كل صلاة؛ لأن حدثه دائم، لأن حدثه دائم، فيكون حكمه حكم المستحاضة وحكم صاحب السلس، ولا حرج عليه في أن يصلي ولو كان كيس البول معلقا فيه، أو العلبة التي يكون فيها الغائط أيضا متصلة به ومعلقة فيه، وذلك للضرورة؛ لأن هذا الكيس لا يمكن أن ينفك عن المصلي، وحينئذ فلا بأس أن يصلي وهو حامل لذلك الكيس أو معلق به لكن يلزمه أن يتوضأ لوقت كل صلاة.

                        والله أعلم




الكاتب: عبد الحميد  [بتاريخ : الثلاثاء 12-06-1431 هـ 08:40 مساء ]

بارك الله فيكم نفع بكم الامة وجزاكم الله خيرا
 

 

الكاتب: المنتصر  [بتاريخ : الإثنين 10-07-1431 هـ 04:04 مساء ]

حالة تفريغ الغائط تتم بعد امتلاء كيس فتحة الشرج الخارجية لماذا لا تعتبرون ان هذا الكيس يحل مكان فتحة الشرج الطبيعية وحالة تفريغ الكيس الصناعي تماثل حالة التفريغ الطبيعي للغائط وهي ليست حالة حدث دائم .

وجزاكم الله خيرا